نحن نفعل هذا ... أتعلمون لماذا؟!
مع كل مقال يسطّره
قلمي تاتيني كلماتهم ... في الخاص وفي العام... تاـيني كلماتهم أنيقة الأحرف دافقة
الأحاسيس والمشاعر ... مضيئةً وضيئة ...
تأتي
كلماتهم مواسية للجراح وبلسماً للروح ...ومحفزة للمزيد من الدفق والتداعي ... بعد
أن أكون قد قررت التوقف عن الكتابة قناعةً بلا جدواها !!
مع كل مقال يسطّره قلمي تاتيني كلماتهم
دافعة ومدافعة ... فلهؤلاء أكتب ... وعن هؤلاء أكتب ...فحين أكتب أشعر بأني أعبر
عنهم ... فأنا صوتهم ...
وحين
أكتب وأتحدث بصوتهم فتلك رسالة خالدة ...فيها ما فيها من إنتصار لقيم الحق والخير
والعدالة ...هم أعزاء وأحباب وزملاء وأهل وأصدقاء ومعارف ...جمعتني بهم الحياة في
مسيرتي ومسيرتهم الحتمية بين الميلاد والقبر ... فصاروا جزءاً من نسيجي الداخلي
... وتكوين شخصيتي ... ولكن ...
أحياناً
أشعر بأنني أقسو عليهم حينما أكتب ...لانني ببساطة لا أكتب بالقلم ...ولا
(بالكيبورد) ولا (بالكيباد) ...أنا أكتب
بحد السكين و....(برأس المشرط)...لأن رأس القلم الدقيق الحاد يحفر في القلب وفي
لحم المجهول أكثر مما يقوى عليه رأس المشرط أو حد السكين ....ويحفر في قلب العدو أكثر
مما يقوى عليه مقذوف رصاصة مهما كانت متقنة التصويب ... ولكن ...هكذا أصبح طبعي
الذي لا أستطيع منه فكاكا ...
(والبلومني
...خلي اليلومني) أو كما قال عتيق .
تحمس
البعض للمقال السابق (يا من جفوني ..هلا كفاكم جور) لأن رأس المشرط كان قد لامس
فيهم عصب الإحساس....فبعضهم بكى وبعضهم ضحك وبعضهم صفّق وبعضهم نظر للمقال من
زاوية فلسفية عميق ... فكتب سعادة الفريق أبوحراز ...(هاهنا سكب شنان نفسه فكان
ليها شعاع...يا شنان بالبوست دا براهو حقكم رجع) ...
وكتب
دكتور آدم : (هذا المقال فيه تشخيص لحالة معيبة أطلت برأسها على المجتمع الشرطي ...
فيه نقد ذاتي .. وقد أحكم التوصيف بصورة عميقة ...لارتباط الضابط بهذه المهنة
المقدسة واندياحه فيها بل وذوبانه فيها لدرجة الإنصهار ...كان مقالاً موفقاً).
وكتب
سعادة اللواء يوسف : (لسان حالك أخي حكى ما يعتمل في صدور الكثيرين ... ولكنك كنت
الأسرع والأشجع في تنفيسه ...لله درك فحروفك ذكرتني ... وذكرتني من بكى بعد أن
تليت عليه عريضة مظلمته ... إننا بلا شك لا نبكي على فقد منصب أو مركز إجتماعي ...
ولكنا نبكي علي خيانة الزملاء وموت العهود).
كتبت
إبنة خالي الأستاذة ذكية : الدموع غلبتني ومنعتني من التعقيب ... مؤلمة !!
وكتبت
نجلاء ...والله ياشنان ما استطعت أن أكمل المقال ... فقد (خنقتني) العبرة !!
وكتب
دكتور عبد الفتاح ... (بالبلدي كدا الزول دا الشرطة دايرها لي شنو ؟ فهذا الرجل في
المكان غير المناسب في مهنة الطب والميري ..هذا الرجل مقامه قاعات العلم ومنصات
الإعلام ودهاليز البحث والبحوث. ضُمِّخت صحيفته بالأنين واللوم والنحيب من ظلم
الصديق والحبيب ولكنها كانت أكبر للماعون الأكبر – البلد ومؤسستها العسكرية - .
يجب أن
تشكل لجنة أجاويد لإقناع هذا الرجل بارتياد مدارج العلم لأنه عالم ... وهذا ليس تقليل
من مكانة الشرطة ولكن بحق وحقيقة هذا الرجل إعلامي بدرجة ممتاز )
وقد
كتبت رداً علي ذلك للدكتور إبراهيم الذي نقل لي رأيه ذلك أن هذه المهنة أصبحت
جزءاً لا يتجزأ من نسيجنا الداخلي .. فلا فكاك منها...والذي لا يعلمه د.عبد الفتاح
أن مقامنا محفوظ في قاعات العلم في الجامعات السودانية مختصاً في مناهج البحث
العلمي كمادة إهتمام لأكثر من عشر سنوات .. ومختصاً في إدارة الأزمات كتخصص أولي
بل وممارساً ضمن فريق إدارة الأزمة لمجموعة ضباط 2020 م .فالأمر لا يحتاج أجاويد
ولا (جنجويد) ...
والذي
لا يعلمه د. عبد الفتاح أنني بدأت ممارسة الإعلام منذ سنوات الدراسة الإبتدائية
فالمتوسطة والثانوي وحتى سنوات الجامعة حيث كنت أصدر صحيفة حائطية لوحدي ... وفي
الثانوي وانا بعد طالب بالصف الثالث إنضممت للقسم الثقافي بصحيفة ألوان ...
والذي
لا يعلمه د.عبدالفتاح أنني صحفي محترف مقيد بسجل الاتحاد العام للصحافيين
السودانيين ...ومدير تحرير مجلة الشرطة ومن المؤسسين للمجلة في إصدارها الحالي ...
ولكن
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ...لماذا نكتب ... ولماذا نقاتل بهذه المهنية
العالية المتمترسة بالأخلاق والقيم ... ولماذا نصدع بالحق في وجه سلطان جائر ...
وفي وجه زمان جائر؟!لماذا نفعل كل ذلك ؟
نحن
نفعل هذا لــ :
للننتصر
لقيم الحق والخير والفضيلة والعدالة ...
و
لنعلم الأجيال أن الحق أحق أن يُتّبع ...وأنه يعلو ولا يُعلى عليه لأنه من أسماء
وصفات الحق العدل اللطيف الخبير...ولنرسل رسالة للذين أتت بهم الصدفة و كانوا على
سُدة رئاسة القوة _ وللذين جاءوا من بعدهم والذين سيعقبونهم_أن الإنبطاح للسياسيين
لا يجدي ...وأن هذه القوة العريقة الباذخة التاريخ تستاهل أن يكون على رأسها رجالٌ
لا يخشون في الحق لومة لائم ....ولنرسي يقين وحقائق ثابتة وراسخة كالطود عند
إختيار قيادات لهذه القوة ...لتظل هذه القيم فنارات ومنارات يهتدى بها في فضاءات
هذه المهنة ...
نعم
للمؤسسية والتراتيبية وحفظ الحقوق لمن تسوقهم الأقدار للتقدم خطوات فيها ولكن لا
لقيادات هزيلة وراعشة ...فضعف القيادة يدمر القوة مادياً ومعنوياً وبالتالي يدمر
الأمن في البلد وهي نعمة إمتن الله بها على عباده (الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من
خوف).
ونقولها
نعم من الضمير والفم ...نقولها نعم عشان أولادنا تعلم ...
تتعلم
ما ذكرنا سابقاً ...وتتعلم مناهضة الظلم مادام فيهم عرق ينبض.وتتعلم ألا يزايد
عليهم أحداً في حبهم لأمهم الرؤوم (الشرطة) ...فكلنا أبناؤها وإن ظلمهم أحد
أبنائها فليذهبوا للقانون ليفرق ويفصل بينهم... والحق أحق أن يتبع...
نحن نفعل
هذا لنحقق (وزنة) لرمانة الميزان بين كفة البحث عن الحق السليب وكفة إحترام
المؤسسة " الأم الرؤوم"....وفي مسعانا هذا ..نحن ندافع عنها لنردها إلى
الحق .. ونرد عنها كيد المعتدين .
وللأسف
(الأسيف) فإن الشرطة هي المؤسسة السودانية الوحيدة التي (يسطيع و يستطيع ) أي
صعلوك وأي (صعلوق) من صعاليك السياسة أن يدخل يده فيها و (يسوط) ويعبث فيها أيما
عبث دون أن يجرؤ أحد أن يوقفه أو يمنعه أوحتى أن يقول له (تلت التلاتة كم)!! وقد
قال السيد عبد الفتاح البرهان في تنويره لضباطه في منطقة كرري العسكرية كلام في
محتواه أن الشرطة قد تعرضت لضرر بليغ وتجريف في فترة حكومة (قحت) ولكننا إستطعنا
أن نحمي القوات المسلحة من تدخلاتهم !! يا سعادتك ما كنت تحمينا برضو !! (ما ناسك
نحن ما ناسك)!!.
فالشرطي السوداني أصبح بعد الثورة إنسان
مشبوه ...يستطيع أي سياسي أو ناشط سياسي أو (ماشطة) سياسية أن يستعبده وأن يحركه
يمنةً ويسرى وأن يوقفه وأن يمنعه من أداء واجباته الرئيسة في إنفاذ القانون وحماية
الحقوق ... بل وأن يفصله حتى إرضاءاً لغروره ...ومن هنا كانت خيبة أمل الكثيرين
كبيرة في الشرطة سيما بعد ثورة (السفارات والسفاهات) هذه ...
إنهم ينتظرون من هذه المؤسسة المهترئة
المنتهكة الكرامة أكثر مما تملك ... ويدهشهم أنها لا تملك غير تحمّل المزيد من
المسؤليات والإهانات والتفاهات والسفاهات والقتل طعناً بالخناجر أو رجماً بالحجارة
!! "كنداكة جا بوليس جرا ...بوليس بحب الرمتلة ..." إنه الجرح هناك تحت
الجسد ...متورماً متقيحاً متعفناً ...ولا أحد يبالي ... فالحرب ما زالت مستمرة
...حرب كشف الحقيقة وراء صنع جفوة بين المواطن والشرطة التي كان من نتاجها... ان انعدم
الأمن عند المواطن وعند الشرطة معاً... حتى صار الشرطي يخلع ملابسه في موقع العمل
ليعود ويلبسه غداً وعلى أعلى مستوى !!
نحن
نفعل هذا ... ولسنا سياسيين ...كما أكدت في أكثر من مقال ... ولكن السياسة تتحكم
في مهنتنا وفي حياتنا وفي أدق تفاصيلها ... تتحكم بطعامنا وشرابنا وتعليم أطفالنا
وترحيلهم وثمن قطعة الخبز وصحن الفول وكوب الحليب وغيرها من تفاصيل ...فالسياسة هي
الحياة ... ونحن ما زلنا نحيا...
ورغم
باهظية الثمن الذي ندفعه من وقتنا ووقت أطفالنا وأسرنا ومجاملاتنا الإجتماعية
...ولكن سنمضي في ذات الطريق الذي إخترناه...
نحن
قلوبنا مابيسكن خلل في جوارن...
بيمشن
في الدريب الكان مشوبو كبارن...
راسيا
الجبال كيفن رحيل حجّارن...
البلد
المحن لابد يلولي صغارن..
عميد
شرطة د.شنان محمد الخليل
الأحد
9 أكتوبر 2022 م.